السبت، 12 أبريل 2025

شيعة مهتدون

 

شيعة مهتدون

الحمد لله وبعد؛ فمن أولئك الأفذاذ: أحمد مير قاسم بن مير أحمد الكسروي، المولود في تبريز، وتلقى تعليمه في إيران، وعمل أستاذاً في جامعة طهران، و تولى عدة مناصب قضائية، و تولى مرات رئاسة بعض المحاكم في المدن الإيرانية، حتى أصبح في طهران أحد كبار مفتشي وزارة العدل الأربعة، ثم تولى منصب المدعي العام في طهران، و كان يشتغل محرراً لجريدة "برجم" الإيرانية، و كان مجيدًا لسبع لغات، الفارسية الحديثة، والفارسية القديمة "البهلوية" والعربية والتركية و الإنجليزية والأرمنية والفارسية، وله كتب كثيرة جداً، ومقالات منتشرة في الصحف الإيرانية، ولا زال له جمهوره المحب حتى الساعة. ولقد كانت مقالاته القوية التي يهاجم بها أصول المذهب الرافضي، قد جذبت نظر كثير من الأحرار في إيران وخارجها. حتى كتب له بعض الكويتيين بطلب تأليف كتب بالعربية ليستفيدوا منها، فكتب لهم كتابه الشهير "التشيع والشيعة" والذي أوضح فيه بطلان المذهب، فانتقم منه الغلاة، فأطلقوا عليه الرصاص، ودخل المشفى ثم خرج منه بعافية. ثم أخذ خصومه من الروافض يتهمونه بمخالفة الإسلام! ورفعوا ضده شكوى إلى وزارة العدل ودعي للتحقيق معه مع أمرٍ قد بيّتُوه بليلٍ، وفي آخر جلسة من جلسات التحقيق _وقيل بل في قاعة المحكمة_ في نهاية سنة (1324هـ - 1946م) أطلقوا عليه الرصاص مرّة أخرى، وطعنوه بخنجر، فمات على إثر ذلك شهيدًا، ولا نزكيه على الله - وقيل إن قتله كان بفتوى من الخميني - وعدّوا في جسمه تسعة وعشرين جرحاً، وقَضَى رحمه الله عن عمرٍ ناهز سبعاً وخمسين سنة، وهو معدودٌ من طلائع التّصحيح وهُداة الشيعة للحق في هذا الزمان، رحمه الله.

وقد ألف وأورث كتبًا قيّمة وقويّة في الردود على التّشيّع والتّصوّف، ومما قاله بالحرف: "إن الإسلام الصحيح، هو ما عليه أهل السنة" فضلًا عن أنه معدود من أكبر وأوثق المؤرخين الكبار في العصر الأخير في إيران. وبعد رحيل الكسروي إلى ربه تتابع الخروج من التشيّع، وتأثر كثير من علماء الشيعة بآرائه الجريئة، ونبذوا التشيع جانبًا، وبعضهم اقترب كثيرًا من ذلك وإن لم يصل بعد. ولعل الكسروي رحمه الله كان من ثمار الحركة الإصلاحية التي قادها آية الله محمد حسن شريعة سنغلجي (ت:1943) صاحب كتاب "توحيد العبادة" الذي أثبت فيه وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة وتوحيده لا شريك له، وكتاب "مفتاح فهم القرآن" الذي أوجب فيه تقديم القرآن الكريم على كل ما سواه من روايات الشيعة وتمحيصها ورد ما يخالفه منها.

ومن بركات جهاد الكسروي في الله بسيف العلم والحجّة والبيان أن هدى اللهُ به آيةَ الله العظمى _بحسب تسميات مراتبهم_ السيد أبو الفضل البُرقعي، المجاهد العظيم، ومؤلف الكتاب الشهير الكاسر "كسر الصنم" في نقض أصول الكافي، وهو أبو الفضل بن الرضا البرقعي القُمّيّ مولداً ثم الطهراني، ويرجع نسبه إلى السيد أحمد بن موسى المبرقع ابن الإمام محمد التقى الجواد ابن على بن موسى ابن موسى الرضا، فهو من سلالة الحسين رضي الله عنه، وكان من أقران الخميني، بل هو أعلى رتبةً وعلميّة ومرجعية منه في مذهب الشيعة، وقد خرج من التشيّع، وأعلن السُّنَّة في عهد الشاة. وهو من أهل قُم، وقد أقام بها أجداده منذ ثلاثين جيلاً، وسلسلة نسبه وشجرة عائلته موثّقة في كتب الأنساب. وقد كان البرقعي رحمه الله يحملُ على الكسروي بردود شديدة حتى هداه الله للحق. وقد تلقى العلم في الحوزة العلمية في "قم" ونال درجة الاجتهاد في المذهب الجعفري الاثني عشري، وله مئات المصنفات والبحوث والرسائل، وكان في شبابه شيعياً متعصباً، وبعد هداية الله له لمّا أعلن جهاده باللسان والقلم في ردّ بني قومه للحق، ودعوتهم للهدى، فأزمعوا قتله غيلة! _كعادتهم الدنيئة_ فتعرّض للاغتيال في مسجده مع أنّه كان مناهزًا الثمانين. وقد أنجاه الله من القتل، لكنه أصيب في سمعه بسبب إحدى طلقات الرصاص التي أصابته. ثم بعد ذلك تعرض للسجن والتعذيب والنفي بعد شفائه، بعدها بسنوات حكم عليه بالسجن ثلاثين عاماً، فسجن رحمه الله. ثم رحل إلى ربه عام 1993م ولا يُعلم هل اغتالوه، أم لا؟ وقد أوصى الشيخ ألا يدفن في مقابر الشيعة. وقد ترجم البرقعي رحمه الله "مختصر منهاج السنة " لشيخ الإسلام ابن تيمية إلى الفارسية، وألف كتباً أخرى منها كتاب "تضاد مفاتيح الجنان مع القرآن" وكتاب "دراسة علمية في أحاديث المهدي" وكتاب "دراسة في نصوص الإمامة" وكتاب "الجامع المنقول في سنن الرسول" وكتاب "نقد على المراجعات" وكتاب "تضاد المذهب الجعفري مع القرآن والإسلام"

هذا، وممّن نفع الله بكتبهم: حيدر علي قلمنداران القمي، صاحب كتاب "تمحيص روايات النص على الأئمة" وقد قدّم له العلّامة البرقعي رحمهما الله، وله كتاب "طريق النجاة من شر الغلاة".

ومن أولئك الأفذاذ الأحرار: السيد حسين الموسوي الكربلائي النجفي، من أهل العراق، وهو من أهل النجف خصوصًا، وُلد في كربلاء، وقد كان عالما محدثاً، ومدرساً فيها، درس المذهب الاثنى عشري في الحوزات العلمية، وكان صديقًا للخميني، وكانت له اليد الطولى مع بعض زملائه من علماء الحوزة في إعادة صلاة الجمعة إلى المذهب الشيعي بعد أن أوقفت قرونًا طويلة انتظارًا لأُسطورة صاحب السرداب! وقد كان والده عالماً من علماء الشيعة. وهو مؤلف الكتاب المشهور الذي أحدث ضجة في العراق والشام واليمن والخليج "لله ثمّ للتأريخ" وهو عبارة عن شهادات ووقائع ونقد ودعوة، وقد نَقَدَ حياته نقدًا غير نسيئة ثمنًا لهذه الرسالة رحمه الله تعالى، إذ تمّ اغتياله انتقامًا ممن حشرهم صِدْقُه ونُصْحُه وشجاعته، تقبّله الله في الشهداء. وقد سبقه في درب الشهادة غيلةً_ولا نزكيهما على الله_المجاهد النادر إحسان إلهي ظهير، الذي نفع الله بمؤلفاته الفئام الذين لا يحصون حتى هذه الساعة.

وممن أفاد الناس بعلمه وتجرّده للحق: محمد إسكندر الياسري، وله كتاب "الحقيقة القرآنية" وقد اغتيل عام 1997م.

ومن أولئك الأخيار: العلامة إسماعيل آل إسحاق خوئيني. وله مرتبة علميّة سنية في المذهب، وقد كرّس حياته للتصنيف والكتابه حتى وفاته رحمه الله في 7/10/2000م.

ومن أولئك الأماجد: الإمام الشيخ حسين المؤيد، الذي أعلن وأشهر اعتناقه مذهب أهل السنة والجماعة، وقد أحدث تسنّنه ضجّة وهزّة في أتباع المذهب الإمامي. وقد فصّل ذلك في كتابه الذي صدر مؤخراً بعنوان إتحاف السائل . والشيخ حسين المؤيد منحدرٌ من عائلة شيعية عريقة، ويعتبر من أبرز المراجع الشيعية في العراق، وقد درس العلوم الدينية، في الكاظمية في بغداد، وتتلمذ في قم الإيرانية عام 1982على يد كبار علماء الشيعة، وقد نال درجة الاجتهاد المطلق في المذهب، وهي أرفع الدرجات العلمية في الحوزة.

وانظر _يا رعاك الله_ كذلك كتاب "يا شيعة العالم استيقظوا" للشيخ موسى الموسوي، وله كذلك "الشيعة والتصحيح" ومن أصحاب القلم الحرّ: الأستاذ صباح الموسوي، صاحب كتاب "كشف مآسي أهل السنة في إيران" وكتاب "الدفاع عن القضيّة الأحوازية"

 وقد كثرت في هذا الزمان بحمد الله الأقلام الإصلاحية من داخل مذهب الشيعة والدعوة للحق والهدى، وترك التعصب لغير الوحي المنزل، وانظر على سبيل المثال كتاب "ربحت الصحابة ولم أخسر الآل" للأستاذ علي القضيبي من البحرين، وكتاب "صرخة من القطيف" للأستاذ صادق السيهاتي، وكتاب "ثم أبصرت الحقيقة" للأستاذ محمد سالم الخضر. وغير ذلك كثير بحمد الله.

والسؤال المُنقدح في ذهن كلِّ شيعيّ حرّ: لماذا فعلها هؤلاء، وهم قد تسنّموا أعلى المراتب؟! بل كيف صبروا وصابروا ورابطوا عليها حتى لقوا الله بها؟! أتُراهم متهوِّكون؟! كلّا والذي فلق الحبّ وبرأ النّسم، إن هم إلا مُوفّقُون مهديون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

ثاني الوقفات مع رده الكريم: غضبه من الإشارة ولو من طرف خفي باتهامه بالرفض.

فالجواب: أن المشهور عن أهل القطيف في حسينياتهم ومساجدهم ومدوناتهم وشبكاتهم _وعسى أن أكون مخطئًا_ أنّ جُلَّهُم، لا كُلُّهُم على مذهب الرافضة السبابة، والحمد لله الذي استنقذك من ذلك، وبرّأك مما هنالك بإعلانك البراءة منهم، فله وحده الحمد والمنة.

وقد ذكرت _وفقك الله_ أن من يقود فكر أتباع أهل البيت في هذا الزمن هم الغلاة، أي الرافضة. وفي هذا اعتراف بأن كلمتهم هي النافذة عند جمهورهم، فالذي يراك من خارج القطيف يُحاكمك إلى من اشتهرت تبعيّتك له، إلا بقرينة صارفة.

وأزيدك بالقول بذهاب جمع من أهل العلم إلى تسمية جمهور الاثني عشرية بالرافضة؛ كالاشعري في المقالات (١/ ٨٨) وابن حزم في الفصل (٤/ ١٥٧-١٥٨) بل قد ذهب البغدادي وغيره إلى إطلاق هذه التسمية على جميع فرق الشيعة بلا مثنويّة!

 بل إن كتب الاثني عشرية قد نصّت على الموافقة على أن هذا اللقب (الرافضة) من ألقابها! وانظر البحار للمجلسي (٦٨ / ٩٦-٩٧)

قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: وإنما سُمّوا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر. قلت: وذلك لما فارقوا زيداً رحمه الله لترضّيه عن الشيخين

ولا بد من تحرير معنى الرفض، فالرفض اسم عام لكلّ من رفض إمامة أو خلافة أو تقديم الشيخين. فمن قدّم عليهما أحد فلهُ نصيب من ذلك فمستقلٌّ ومستكثر. وإني سائلك من هذا المنبر فأجب بلا حيده: هل تُقدّم الشيخين في الفضل، وأحقّية الإمامة على كل من سواهما؟

يا دكتور _أخذ الله بيدي ويدك_ هذان شيخا المسلمين، عنهما نتحدّث، وإلى فضلهما نشير، هما خير من خلق الله من ولد آدم بعد الأنبياء، هذان صاحبا المصطفى الخاتم عليه الصلاة والسلام في حياته، ووزيراه بعد مماته، وأقرب الناس منه جسداً بعد لحاقهما به. لا كان ولا يكون في الأمة مثلهما. لقد حفظ الله بهما الدين، وقمع بهما جموع المرتدين، وأقام بهما الملّة الحنيفيّة بعد كيد المجرمين، ودحر بهما زيغ المبتدعين، وفتح بهما الأمصار للمؤمنين، وأدخل بهما الناس أفواجًا في دين رب العالمين، وما ذاك إلا ببركة اتباعهما للرسول الأمين عليه الصلوات والبركات والتسليم. إنهما الشيخين رجح إيمانُهما بالأُمّة قاطبة!

 ويا خيبة من عاداهما وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في أبي بكر: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبتَ، وقال أبو بكر: صَدَقَ. وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟! فهل أنتم تاركوا لي صاحبي" ([1]) رواه البخاري، وله من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن عبدًا خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله" فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقلت في نفسي: ما يُبكي هذا الشيخ، إن يكن الله خيّر عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده؟! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا. قال: "يا أبا بكر لا تبك. إنّ أمنّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتّخذتُ أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته، لا يبقينّ في المسجد بابٌ إلا سُدّ إلا بابُ أبي بكر" ([2]).

 وقال صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إنِّي أَبْرَأُ إلى كُلِّ خِلٍّ مِن خِلِّهِ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ" ([3]). إنّه أبو بكر، ثاني اثنين في الغار. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائمٌ رأيت الناس يُعرضون علي، وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعُرِضَ علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله قال: الدين"([4]). ولهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبن، فشربت حتى إني لأرى الرّي يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب" قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: "العلم"([5])

وقالت عائشة رضي الله عنها: "لما توفي صلى الله عليه وسلم اشرأبَّ النفاق، وارتدت العرب، وانحازت الأمصار، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها، فوالله ما اختلفوا في نقطة إلاَّ طار أبي بغنائها وعنائها، ثُم ذكَرَتْ عُمَر فقالت: ومن رأى عُمَر علم أنه خُلِقَ غناء للإسلام، ثُم قالت: وكان والله أحوذيَّا، نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها". ([6])

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا ذُكر الصالحون فحيّ هلًا بعمر، إن إسلامه كان نصرًا، وإن إمارته كانت فتحًا، وايم الله إني لأحسب بين عينيه ملكًا يسدده ويرشده، وايم الله إني لأحسب الشيطان يفرق منه أن يحدث في الإسلام حدثًا فيردّ عليه عمر" ([7]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وُضِعَ عمرُ على سريره، فتكنفه الناس، يدعون ويصلون، قبل أن يرفع، وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي؛ فإذا عليّ، فترحَّم على عمر وقال: ما خلّفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك. وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر" ([8]).

وعن عبد العزيز بن حفص الوالبي قال: قلت للحسن: حُبّ أبي بكرٍ وعمر سنّة؟ قال: "لا، فريضة" ([9]). وعن أبي حازم عن أبيه قال: سئل علي بن الحسين عن أبي بكر وعمر، ومنزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كمنزلتهما اليوم، هما ضجيعاه" ([10]). وكذلك أجاب إمام دار الهجرة مالك بن أنس هارون الرشيد حينما سأله عن منزلتهما منه فقال: "كقرب قبريهما من قبره بعد وفاته". فقال: شفيتني يا مالك، شفيتني يا مالك ([11]).

وعن جعفر الصادق رحمه الله تعالى قال: "أنا بريءٌ ممّن ذكرَ أبا بكرٍ وعمرَ إلا بخير" ([12]). فخذوها معاشر الجعفرية. بل قال أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فوق منبر الكوفة: "لا أُوتى برجلٍ فضّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حدّ المفتري" ([13]). أي ثمانين جلدة. هدانا الله جميعًا سواء السبيل.

ومن طعن في إمامة الشيخين أو تقديمهما فهو أضلُّ من حمار أهله، كما قاله إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله ([14])، ولعله اختار ذلك التشبيه لأن الحمار أبلدُ الحيوانات، وأقلّها فهمًا، فماذا بعد الحق إلا الضلال، فأنّى تُصرفون؟!

هذا مع إجلال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لأهل البيت، وحفظه لحرمتهم، وحفظه لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ولمّا رفع المتوكّل محنة القول بخلق القرآن العظيم طلب من الإمام الصفح عن المأمون والمعتصم والواثق ففاجأه بجوابه بأنه قد سامحهم في وقت عذابهم له، لكونهم من آل بيت النبوة، وكان إذا أراد الخروج من المسجد قدّم قبله صبية آل البيت الصغار إجلالًا لآل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم وعلى المؤمنين. كذلك كان الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وكان يستحسِن تمييز آل البيت بلباس أخضر كي لا يمتهن مقامهم من لا يعرفهم، أو يضيّع حقهم من يجهلهم.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية ([15]) مبيّنا اعتقاد أهل سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين: "ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتولّونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال يوم غدير خمّ: "أذكّركم الله في أهل بيتي" ([16]). وقال أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: "والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي"([17]) وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم"([18]).

ويتولون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، والصدّيقة بنت الصّدّيق رضي الله عنها، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"([19]). وقد علّق العلامة العثيمين رحمه الله تعالى عليها بتعاليق نفسية _كعادته_ جديرة بالمطالعة، في شرحه للواسطية.

هذا، وإن القول باندثار الشيعة المفضّلة مجانبٌ للصواب، فقد رأينا منهم فئامًا، والظن بكثيرهم أن يعودوا بالمسألة لأولِ الأمر، فيحاكموا التنازع للوحي المنزّل المعصوم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فهو ضمانة النجاة، وصِمَامُ أَمْنِ العَثَار والزلل، ومفتاح الهدى والتوفيق، إي وربي.

وإن مما يُحمد لوسائل التواصل الإعلامي في عصرنا مرئيةً أو مقروءة أو مسموعة؛ أنها نفخت رياح الحريّة الحقيقية في نفوس عبادٍ لله كانت مكبّلةً بالتقليد والتوجّس، فما هو إلا أن رأت وسمعت وقارنت وقايست، فأعملت عقلَها، واستنطقت فطرتها، وقبل ذلك استهدت بربها، فأسلمها ذلك التوفيق لمنازل الهدى ومواطن الرشاد، فبلغت في ذرى الفلاح أعلى أمانيها.

: بسم الله الرحمن الرحيم "الم . ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" فلسنا في شكّ من ديننا، بل في يقينٍ أرْسَى من ثهلان ورضوى بحمد ربنا الهادي. ونقول بعالي الصوت لكل من وصف هذا المسلك بمسلك الغلوّ والشطط، الذين سبقهم إخوانهم بقولهم "غرّ هؤلاء دينهم":

 نعم، نحن المسلمون وحدنا على الحق والهدى، وكل من سِوَى المسلمين فضالٌّ ظالم خاسر. ثم أَخُصُّ بعد العموم فأقول: إن الحق لا يخرج بمجموعه عن أهل القرون المفضّلة من السلف الصالح، الذين ورثهم أهل السنة والجماعة، فكل أمر خالف ما عليه صحابة رسول الهدى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ فهو باطل مُطَّرح مرذول، مهما أجلب أهل الجدل والشقاق.

وعليه: فكل من خالف عقيدتهم التي أخذها عنهم التابعون والأتباع، كذلك منهجهم وفقههم وسلوكهم؛ فهو ليس من الهدى في شيء. وجِمَاعُ دينهم الكتاب والسنة، بفهمهم المعصوم -في جملتهم، لا أفرادهم- عن الزيغ والضلال، فلم يجتمع سلف الأمة على ضلالة مطلقًا، وإن أخطأ آحادهم، فالحق لا يخرجُ عنهم.

ومن فروع ذلك شرطيّة اليقين للإيمان بالله تعالى، فلا إيمان لمن لا يقين له، بل هو الشك والريبة والنفاق، قال سبحانه وبحمده مادحًا أئمة المؤمنين: "لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" وإن الله تبارك وتعالى قد اصطنع خليله ورباه وكمّله وقال: "وليكون من الموقنين" وقال جل وعلا: "هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون" وقال تبارك اسمه: "الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون" وقال جلّ وعزّ: "قل يا ايها الناس إن كنتم في شكّ من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين . وأن اقم وجهك للدين حنيفًا ولا تكونن من المشركين"

فلسنا بحمد الله في شك وريب من أمرنا، بل ان من شكّ في دينه فهو خارج عن ملّة المسلمين، فليس في أهل القبلة مرتاب. إنما أولئك أهل النفاق، فحذار حذار من أن تُفضِيَ بقلبك إلى ما فيه عطبك، من كتب وقالاتٍ لأهل الزيغ والشرك والبدعة.

  قال الله تعالى: "فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" وقال سبحانه: "وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون".

وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على خير خليقته محمد وآله وصحبه، عدد أنفاس أهل الجنة.

إبراهيم الدميجي

 



([1]) البخاري (3661).

([2]) البخاري (3904) ومسلم (2382).

([3]) مسلم (2383).

([4]) البخاري (23)، ومسلم (2390).

([5]) البخاري (7032)، ومسلم (2391) مطولاً.

([6]) المعجم الأوسط للطبراني ٤/‏٣١٩ والسنن الكبرى للبيهقي ٨/‏٣٤٩ وانظر: شرح السنة للبغوي (١٤/ ٩١).

([7]) المعجم الكبير للطبراني ٩/‏١٦٥ والسنة لأبي بكر بن الخلال ٢/‏٣١٤ وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ١/‏٣٣١

([8]) البخاري (٣٦٨٥).

([9]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٧/‏١٣١٢

([10]) فضائل الصحابة للدارقطني ١/‏٦١

([11]) الشريعة للآجري (٢٣٧٠).

([12]) سير أعلام النبلاء: ٢/ ٣٢٦

([13]) المحلى بالآثار لابن حزم ١٢/‏٢٥٢

([14]) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي. (ص: ١٦٣).

([15]) من ضمن الفتاوى: (٣/‏١٥٤).

([16]) مسلم (٢٤٠٨).

([17]) قال الأرناؤوط في تخريج العواصم والقواصم (8/ 43): فيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف. وروي من طريقين آخرين أحدهما: إسناده ضعيف والآخر إسناده رجاله ثقات، إلا أنه منقطع. وأخرجه ابن ماجه (140) بمعناه من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وأحمد (1777) بمعناه من حديث عبد المطلب بن ربيعة رضي الله عنه.

([18]) مسلم (2276).

([19]) البخاري (5419)، ومسلم (2446).

الاثنين، 12 أغسطس 2024

ليس في عصرنا شيعة


🌟ليس في عصرنا شيعة 🌟

للشيخ د. ناصرالقفاري وفقه الله:

ولهذا فإنه ينبغي أن يعلم بأن من يطلق عليهم «الشيعة» اليوم ليسوا شيعة،

بل هم وثنيون في توحيد العبادة

ومشركون في توحيد الربوبية،

ومجسمة ثم جهمية معطلة في باب الأسماء والصفات،

ومرجئة غلاة في باب الإيمان،

وخوارج وعيدية في باب الأسماء والأحكام،

وسبئية رافضة غلاة في باب الإمامة والصحابة،

وهم أيضًا إرهابيون عدوانيون في علاقاتهم مع مخالفيهم،

وخرافيون في معتقداتهم،

وهم خوارج لا يرون لولي أمر بيعة مهما كان صلاحه وعدله إلا أن يكون «الولي الفقيه»،

وتكفيريون يكفرون المسلمين أحياء وأمواتًا،

ومزدكية إباحية في العلاقات الاجتماعية باسم المتعة،

ولصوص أموال في الاستيلاء على أموال أتباعهم باسم الخمس.

فمذهبهم مستقر لكل شذوذات الفرق، وانحرافات الأديان، وضلالات الملل والنحل.

والضابط الدقيق لمعرفتهم اليوم، والتفريق بينهم وبين غيرهم من فرق الشيعة هو أن كل من يعتمد في تلقي دينه على ما يسمونه

بـ«المصادر الأربعة المتقدمة»

و«المصادر الأربعة المتأخرة»

أو «صحاح الإمامية الثمانية»،

أو ما يسميه الدستور الإيراني في مادته الثانية

بـ «سنة المعصومين»

ويؤمن بجميع ما جاء فيها

فهو ليس من الشيعة،

بل لا من الرافضة،

بل هم الامتداد التاريخي والعقدي للسبئية.

فالسبئية هي الاسم الأقدم،

والإثنا عشرية هي الاسم الأحدث لحقيقة واحدة،

ولا يوجد في عصرنا شيعة؛

لأن ما في هذه المصادر هي عقيدة غلاة الروافض المشركين والمجوس الصفويين،

و علي وشيعته منهم براء،

ولا يوجد اليوم على وجه

اﻷرض سوى غلاة الروافض، باستثناء زيدية اليمن المعتدلين غير الحوثية أتباع الجارودية ممن سلك مسلك هؤلاء (الصفويين).

( د ناصر القفاري احد القلائل الذي له معرفة تامة بعقيدة الروافض

ومخططاتهم ولاكثر من أربعين سنة

وله كتب مؤلفة طيرت عقول مراجع الشيعة)

الثلاثاء، 12 مارس 2024

متى تشيع السنة في العراق؟ وما الفرق بين الجعفرية والصفوية؟

 متى تشيع السنة في العراق؟ وما الفرق بين الجعفرية والصفوية؟

 

كانت المرة الاولى في مؤتمر النجف في عام 1748 عندما اعترف العثمانيون بالشيعة الصفوية على انهم يمثلون المذهب الجعفري بعد ان اعلن الصفويون تبرأهم من لعن اصحاب رسول الله واقرارهم بخلافة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي على الترتيب.واعتقد العثمانيون ان الصفويون صادقون لانهم لم يطلعوا على حقيقة عقيدة الصفويون التي تجيز لهم القسم الكاذب بالله بحجة التقية او نصرة اهل البيت 0 وبذلك حقق العثمانيون للصفويين مالم يستطيعوا ان يحققوه على مدى 250 عاما منذ تاسيس دولتهم عام 1501 حيث كان المسلمون من عشائر الجنوب العراقي كلهم من السنة وكانوا يعتبرون الصفويين كفارا بل ان افراد جيش نادر شاه الايرانين من السنة يعتبرون زملائهم من الشيعة الصفوية كفارا كما ورد في حوار نادر شاه مع عبدالله السويدي والذي اورده الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية عن مؤتمر النجف 0 ومع ان الاتفاق لم يدم سوى 3أشهر وذلك لان رجال الدين الصفويين قاموا باغتيال نادرشاه الذي لم يكن من اصول صفوية ليعودوا على منهجهم السابق المكفر للامة الاسلامية بكافة اجيالها والمحرف لتاريخ وسيرة ائمة اهل البيت.

والحقيقة ان الصفويين استفادوا فائدة كبيرة من مؤتمر النجف من خلال الاعتراف بهم على انهم يمثلون المذهب الجعفري حيث استطاعوا مباشرة بعد المؤتمر بعدد قليل من السنين ان يشيعوا العشائر العراقية في جنوب العراق كبني كعب والسواعد وبني لام والجبور وربيعة وتميم وغيرها من عشائر الجنوب والتي تشيعت بسبب غياب العلماء من اهل السنة وتفشي دعاة الصفويين واغراآتهم المادية0 وكان من السهولة اقناع الناس بهذا التشيع لأنتشار الجهل الشديد بين الناس ولظلم العثمانيين للعرب خلال ال200 عام الاخيرة من عمر الدولة العثمانية ولان فكر الصوفية والدراويش هو المسيطر على الفكر الاسلامي للدولة العثمانية في ذلك الحين ومع اعتراف العثمانيين بالتشيع الصفوي اعتنقت عشائر الجنوب التشيع الصفوي وانتشر بينها حتى وصلنا الى مانحن عليه الان.

ويمكن الاطلاع على تأريخ تشيع كل عشيرة في كتاب( عنوان المجد) للمؤرخ العراقي ابراهيم فصيح الحيدري المتوفى عام 1882 وكتابه طبع دار التربية عام 1962 وكتاب عبدالله النفيسي( دور الشيعة في تاريخ العراق السياسي )طبع عام 1974 وكتاب لمحات اجتماعية للوردي حيث تطرق الوردي الى ذلك بشكل مقتضب واشار الى اعتناق عشائر الجنوب للتشيع خلال تلك الفترة0

مقال :هل شيعة اليوم جعفرية أم صفوية

بعض أدلة تحريف الصفويين للتشيع الجعفري

عبدالله الغانم

https://aalalbit.blogspot.com/2013/10/blog-post_8849.html

محبو آل البيت

 


الأحد، 4 فبراير 2024

الحوثيون جاروديون (والجارودية من غلاة الرافضة)

 

جارودية (زيدية)

الجارودية
الدينالإسلام
المؤسسأبي الجارود زياد بن المنذر
الأصلالزيدية
العقائد الدينية القريبةالزيدية ، شيعة اثنا عشرية

الجارودية وتسمى أيضًا بالسرحوبية[1] هي فرقة من فرق المذهب الزيدي تنسب إلى أبي الجارود زياد بن المنذر الكوفي الهمذاني، وقيل الثقفي، وقيل: الهندي، وقيل: زياد بن منقذ العبدي، وقيل: زياد بن أبي زياد. وصفه ابن النديم بقوله: "من علماء الزيدية، أبو الجارود، ويكنى أبا النجم زياد بن منذر العبدي. توفى سنة 150هـ، وقيل سنة 160هـ.[2]

انقسامهم عن الزيدية[عدل]

قال أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت324هـ) في كتابه مذاهب الاِسلاميين: والزيدية ست فرق: فمنهم: الجارودية: أصحاب «أبي الجارود» وإنّما سمّوا «جارودية» لاَنّهم قالوا بقول: «أبي الجارود» يزعمون أنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على علي بن أبي طالب بالوصف لا بالتسمية، فكان هو الاِمام من بعده وأنّ الناس ضلّوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ثم «الحسن» من بعد علي هو الاِمام ثم «الحسين» هو الاِمام من بعد الحسن. وافترقت الجارودية فرقتين: فرقة زعمت أنّ علياً نصّ على إمامة «الحسن» وأنّ الحسن نص على إمامة «الحسين» ثم هي شورى في ولد الحسن وولد الحسين فمن خرج منهم يدعو إلى سبيل ربّه وكان عالماً فاضلاً فهو الاِمام، وفرقة زعمت أنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نص على «الحسن» بعد علي وعلى «الحسين» بعد الحسن ليقوم واحد بعد واحد. وافترقت الجارودية في نوع آخر ثلاث فرق: فزعمت فرقة أنّ «محمد بن عبد اللّه بن الحسن» لم يمت وأنّه يخرج ويغلب، وفرقة أُخرى زعمت أنّ محمد بن القاسم صاحب الطالقان حي لم يمت وأنّه يخرج ويغلب، وفرقة قالت مثل ذلك «يحيى بن عمر» صاحب الكوفة.[3]

كما قال المسعودي: إنّ الزيدية كانت في عصرهم ثمانية فرق: أوّلها الفرقة المعروفة بـ «الجارودية» وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر العبدي، وذهبوا إلى أنّ الاِمامة مقصورة في ولد الحسن والحسين دون غيرهما، ثم الفرقة الثانية المعروفة بـ «المرئية»، ثم الفرقة الثالثة المعروفة بـ «الاَبرقية»، ثم الفرقة الرابعة المعروفة بـ «اليعقوبية» وهم أصحاب يعقوب بن علي الكوفي. ثم الفرقة الخامسة المعروفة بـ «العقبية» ثم الفرقة السادسة المعروفة بـ «الاَبترية» وهم أصحاب كثير الاَبتر والحسن بن صالح بن حي. ثم الفرقة السابعة المعروفة بـ «الجريرية» وهم أصحاب سليمان بن جرير. ثم الفرقة الثامنة المعروفة بـ «اليمانية» وهم أصحاب محمد بن يمان الكوفي، وقد زاد هوَلاء في المذاهب وفرّعوا مذاهب على ما سلف من أُصولهم.[4]

يقول النوبختي في كتابه فرق الشيعة: وفرقة منهم يسمون الجارودية قالوا بتفضيل علي عليه السلام ولم يروا مقامه يجوز لأحد سواه وزعموا أن من دفع عليا عن هذا المكان فهو كافر وأن الأمة كفرت وضلت في تركها بيعته، وجعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علي عليهما السلام ثم في الحسين عليه السلام ثم هي شورى بين أولادهما فمن خرج منهم مستحقا للإمامة فهو الإمام. وهاتان الفرقتان هما اللتان ينتحلان أمر زيد بن علي بن الحسين وأمر زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومنها تشعبت صنوف الزيدية.[5]

عقيدتهم[عدل]

* العقائد في الإمامة والإمام:

* العقائد في الصحابة والتابعين:

  • يرى أبو الجارود كفر الشيخين -أبوبكر وعمر - ، والصحابة جميعاً؛ لأنهم قصروا في التعرف على الوصف، ولم يطلبوا الموصوف.
  • يرى كفر الناس بتركهم الاقتداء بالحسن والحسين؛ لأنه قد نص على إمامتهما.

* العقائد في الإمام الغائب:

  • زعم قوم من الجارودية أن الإمام المنتظر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ويقولون أنه لم يمت ولم يقتل، وزعم قوم منهم أن المنتظر محمد بن القاسم صاحب الطالقان وأنه لم يمت ولم يقتل، وزعم قوم منهم أن المنتظر يحيى بن عمر الذي قتل بالكوفة وهم لا يصدقون بقتله.[6]

كلام أهل العلم في الجارودية[عدل]

لقد وصف المحدثون أبا الجارود بأنه كذاب وليس بثقة، وأنه كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أصحاب رسول الله.

من المصادر السنية التي تكلمت عن الجارودية:

  • قال الإمام أحمد بن حنبل: متروك الحديث وضعفه جدا.[7]
  • وقال يحيى بن معين: زياد بن المنذر أبو الجارود كذاب عدو الله ليس يساوي فلسا.[8]
  • وقال بن حبان: كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويروي عن فضائل أهل البيت أشياء ماله أصول لا تحل كتابة.[9]
  • وقال الإمام الحاكم: 62 - زياد بن المنذر أبو الجارود الثقفي رديء يروي المناكير في الفضائل عن الأعمش وغيره.[10]
  • قال عبد القاهر البغدادي: "وأما أهل الاهواء من الجارودية والهشامية والنجارية والجهمية والامامية الذين اكفروا أخيار الصحابة والقدرية المعتزلة...[11]
  • قال الإمام الشهرستاني في: ومالت أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول وطعنت في الصحابة طعن الإمامية وهم أصناف ثلاثة: جارودية وسليمانية وبترية.[12]
  • جاء في كتاب أبو الحسين الملطي قوله: الجارودية وهم بين الغالية والتناسخية لا يفصحون بالغلو ويقولون إن الله عز وجل نور، وأرواح الأئمة والأنبياء منه متولدة، وينحون نحو التناسخ ولا يقولون بانتقال الروح من جسد إنسان إلى جسد غير إنسان، بل يقولون بانتقال الروح من جسد إنسان ردئ إلى جسد إنسان مؤلم ممرض فتعذب فيه مدة بما عمل من الشر والفساد ثم تنقل إلى جسد إنسان متنعم فتتنعم فيه طول ما بقيت في الجسد الأول وزعموا أن هذا يسمى الكور فيكون معذبا أو مقيدا في جسد هرم أو ممرض أو مسقم، أو يكون منعما في جسد شاب حسن متلذذ.[13]

ومن كتب الشيعة وصف أبا الجارود إيضا بالكذب:

  • حكى ان أبا الجارود سمى سرحوبا، وتنسب إليه السرحوبية من الزيدية، سماه بذلك أبو جعفر عليه السلام وذكر ان سرحوبا اسم شيطان اعمى يسكن البحر، وكان أبو الجارود مكفوفا اعمى، اعمى القلب.[14]
  • أبو الجارود الهمداني الخارقي الاعمى، اخبرنا ابن عبدون. عن محمد ابن سنان: قال قال لي أبو الجارود: ولدت اعمى، ما رأيت الدنيا قط. كوفي كان من اصحاب ابي جعفر، وروى عن ابي عبد الله عليهما السلام، وتغير لما خرج زيد رضي الله عنه.[15]
  • زياد بن المنذر يكنى أبا الجارود، زيدي المذهب، واليه تنسب الزيدية الجارودية، له اصل، وله كتاب التفسير عن ابي جعفر الباقر عليه السلام. اخبرنا به الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان. واخبرنا بالتفسير: احمد بن عبدون. وكان ضعيفا، وخرج أيام ابب السرايا معه فأصابه جراحة.[16]
  • ذكر فخر الدين الطريحي في كتابه (مجمع البحرين): الجارودية وهم فرقة من الشيعة ينسبون إلى الزيدية وليسوا منهم، نسبوا إلى رئيس لهم من أهل خراسان يقال له أبو الجارود زياد بن أبي زياد. وعن بعض الأفاضل هم فرقتان: فرقة زيدية وهم شيعة، وفرقة بترية وهم لا يجعلون الإمامة لعلي بالنص بل عندهم هي شورى، ويجوزون تقديم المفضول على الفاضل فلا يدخلون في الشيعة.[17]

ومن المصادر التي تحدثت عن الجارودية:

  • يقول ابن شهر آشوب: أبو الجارود زياد بن المندر الهمداني، كوفي تابعي زيدي واليه تنسب الجارودية. وله أصل. وله التفسير عن أبي جعفر عليه السلام.[18]
  • وذكر ابن المطهر الحلي: زياد بن المنذر، أبو الجارود الهمداني - بالدال المهملة - الخارقي - بالخاء المعجمة بعدها الف، وراء مهملة، وقاف - وقيل: الحرقي - بالحاء المضمومة المهملة، والراء، والقاف - الكوفي الأعمى التابعي، زيدي المذهب، واليه تنسب الجارودية من الزيدية، كان من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، وروى عن الصادق عليه السلام، وتغير لما خرج زيد رضي الله عنه، وروى عن زيد.[19]
  • وجاء في حاشية المختصر النافع لزين الدين بن علي الجبعي العاملي: الجاروديّة فرقة من الزيدِيّة لهم شيخ يُعرف بأبي الجارود بن زياد العبديّ، يخصّون الإمامة لعليّ عليه السلام بعد النبيّ كالإماميّة.[20]
  • كما ذكرهم الكرباسي في كتابه إكليل المنهج في تحقيق المطلب: الجاروديّة منسوب إلى زياد بن المنذر الجارود الهمداني، وهم القائلون بالنصّ على عليّ وكفر من أنكره وكلّ من خرج من أولاد الحسن والحسين عليهما السلام وكان شجاعاً عالماً - فهو إمام.[21]
  • وفي كتاب خاتمة المستدرك للطبرسي: واما أبو الجارود فالكلام فيه طويل، والذي يقتضيه النظر بعد التأمل فيما ورد فيما قالوا فيه أنه كان ثقة في النقل مقبول الرواية معتمدا في الحديث اماميا في أوله وزيديا في آخره.[22]

مناطق انتشار المذهب الجارودي[عدل]

تنتشر الجارودية بشكل كبير في صعدة وبعض الأماكن شمال اليمن، فقد ذكر نشوان الحميري (المتوفى: 573 هـ) في كتابه الحور العين: وليس باليمن من فرق الزيدية غير الجارودية وهم بصنعاء وصعدة وما يليهما.[23] ويتحدث كمال الحيدري عن الجارودية في أحد دروسه قائلاً: الزيدية لها أجنحة من أهم أجنحتها التي أقرب ما تكون إلى مدرسة آل البيت هو الجناح الجارودي والحوثيين من الجاروديين الشيعة.[24]

المراجع[عدل]

  1. ^ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار : ابن فضل الله العمري - الجزء 13 - الصفحة 108 .
  2. ^ الحوثية حركة جارودية تناقض الزيدية وليست منها نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ مذاهب الاِسلاميين : للأشعري الصفحات 66 ـ 69.
  4. ^ مروج الذهب : للمسعودي - الجزء الثاني - الصفحة 183 .
  5. ^ فرق الشيعة:الحسن بن موسى النوبختي، ص 31.
  6. ^ كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين: طاهر بن محمد الأسفراييني (ص28)
  7. ^ كتاب العلل (3/ 382)
  8. ^ الكامل: لابن عدي - (3/ 189) .
  9. ^ المجروحين -ج1 ص 197
  10. ^ المدخل إلى الصحيح: محمد بن عبد الله بن حمدويه الحاكم النيسابوري - (ص: 139)
  11. ^ الفرق بين الفرق : عبد القاهر البغدادي (ص: 350)
  12. ^ كتاب الملل والنحل : الإمام الشهرستاني (1/ 153)ط دار المعرفة - بيروت ، 1404
  13. ^ التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع : أبو الحسين الملطي صفحة 20
  14. ^ رجال الكشي ، ص 150
  15. ^ رجال النجاشي ، ص 170 ، طبعة مؤسسة النشر الاسلامي بقم
  16. ^ الفهرست ، ص 72 ، طبعة النجف .
  17. ^ مجمع البحرين: فخر الدين الطريحي الجزء الثالث، صفحة 24
  18. ^ معالم العلماء: لابن شهر آشوب، صفحة 87
  19. ^ خلاصة الأقوال:ابن المطهر الحلي، صفحة 348
  20. ^ حاشية المختصر النافع: للشهيد الثاني، 118
  21. ^ إكليل المنهج في تحقيق المطلب: محمد جعفر الخراساني الكرباسي، ص 143
  22. ^ خاتمة المستدرك: للنوري الطبرسي، ج 5 ص 412
  23. ^ الحور العين : نشوان الحميري - الصفحة 156 .
  24. ^ درس: مفاتيح عملية الاستنباط الفقهيكمال الحيدري"نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2020-09-29. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-21.