الاثنين، 21 أكتوبر 2013

الشيعة في الميزان.. دعوة للقراءة والتحليل..

الشيعة في الميزانالشيخ مدثر أحمد إسماعيل

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة
الحمد لله الذي جعل لنا ديناً قويماً وهدانا صراطاً مستقيماً وأرسل إلينا رسولاً رؤوفاً رحيماً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا في سبيل الله جهاداً عظيماً. أما بعد ...
فإن قضية التأليف بين فصائل الأمة والسعي في إصلاح ذات بينها وجمع شملها على الحق والهدى ورأب صدعها والتقريب بين فئاتها المتنازعة من أعظم أصول الإسلام ومن أفضل أبواب الخير وضرب من ضروب الجهاد في سبيل الله، والأمة لم تؤت من ثغرةٍ مثل ما أُتِيَت من جانب فرقتها وتنازعها والصراع بينها، فاستحقت وعيد الله: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) فخرجت كثير من الطوائف التي تتسمى بالإسلام وليس لها من الإسلام نصيب، ونادت بآراء وعقائد غريبة عن الإسلام وبعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله، وكان أنكى صراع وأطول نزاع وأخطر اختلاف ما حصل بين أهل السنة والشيعة فلقد شهد التاريخ أحداثاً داميةً تمثلت في الصراع العنيف الذي دار بين الطائفتين واستمر قائماً إلي يومنا هذا.
وفي هذا العصر قامت محاولات كثيرة للتقريب بين أهل السنة والشيعة وهذه المحاولات مبنية على أنه لا خلاف بين أهل السنة والشيعة في شيء من أصول الإيمان أو أركان الإسلام أو ما عُلِم من الدين بالضرورة، وإنما هو خلاف في بعض المسائل الفلسفية والآراء الكلامية التي لا صلة لها بأصول العقيدة، وبناءً على هذا طالب الشيعة باعتبار مذهبهم مذهباً خامساً ونجحوا في تحقيق بعض ذلك وأصدر "شلتوت" فتواه بجواز التعبد بالمذهب الجعفري، وفي المقابل أصدر الشيعة فتوى بعدم جواز التعبد بالمذاهب الأربعة ونشر الشيعة في ديار السنة بعض كتبهم العقائدية والفقهية والتاريخية وهي كتب مشتملة على المحرف والمبدل وعلى سب الصحابة فنشروا كل ذلك ودعوا إليه سالكين في سبيل ذلك مختلف الطرق آخذين بشتى الوسائل والسبل في محاولة منهم لاستدراج كثير من المسلمين الغافلين إلى المذهب الفاسد تحت أغطية كثيرة منها إدعاء حب أهل البيت، وزعمهم أن الصحابة دفعوهم عن حقهم، وغصبوهم إياه، وتواطأوا على ظلمهم، وغير تلك من المزاعم التي تعد عند أرباب العقول إفكاً غير مقبول. لذلك كله كان لزاماً على كل من عرف الحق أن يصدع به ويبينه للناس قال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون)، وهذه الورقات ضُمِّنت أصول الخلاف وأسسه حتى تستبين سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين ولعل هذا من أهداف التفصيل القرآني قال تعالى: (وكذلك نفصِّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين).

متى بدأ التشيّع: أو متى ظهرت الشيعة؟ 
تكلم في ذلك علماء السنة وحرروا المقال وحققوا التاريخ، كما تكلم علماء الشيعة في ذلك وحرفوا المقال وزيفوا التاريخ ، وقد ألّف الشيعة في هذا أساطير وقصص طويلة مثل كتاب السقيفة أو كتاب سليم بن قيس العامري.
أما أهل السنة فيقولون: إن التشيّع لعلي بدأ بمقتل عثمان رضي الله عنه. يقول ابن حزم: "ثم ولي عثمان وبقي اثنا عشر عاماً وبموته حصل الاختلاف وابتدأ أمر الروافض"، والذي تولّى غرس بذرة الرفض والتشيع هو عبد الله بن سبأ اليهودي الذي بدأ حركته في أواخر عهد عثمان، يقول ابن تيمية في المجلد الرابع: "وأول من ابتدع القول بالعصمة لعلي وبالنص عليه في الخلافة هو رأس هؤلاء المنافقين، عبد الله بن سبأ، الذي كان يهوديا فأظهر الإسلام وأراد فساد الدين كما أفسد بولص دين النصارى" [الفتاوى 4/518]. وأكدت طائفة كبيرة من الباحثين القدماء والمعاصرين أن ابن سبأ أساس المذهب الشيعي والحجر الأول في بنائه، وقد تواتر ذكره في كتب السنة والشيعة على حد سواء يقول عالمهم الكشي في كتابه المعروف بـ "رجال الكشي" وهو أقدم كتب الشيعة المعتمدة في علم الرجال: "إن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو - كذا - فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي مثل ذلك، وكان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وكفّرهم. من هنا قال من خالف الشيعة إن اصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية" هذا ما جاء عن ابن سبأ في "رجال الكشي" الذي يعتبرونه أحد الأصول الأربعة التي عليها المعول في تراجم الرجال.

عقائد الشيعة:
أولا: الشيعة و مصادر التلقي (القرآن والسنة والإجماع):

[أ] عقيدتهم في القرآن: أجمع أهل السنة والمسلمون جميعاً على صيانة كتاب الله عز وجل من التحريف والنقص وهو محفوظ بحفظ الله له. قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، فالقرآن الكريم قطعي الثبوت وقطعي الدلالة حجةٌ على الخلق أجمعين، لكن الشيعة يرون أنه كتاب محرَف من قِبَل عثمان رضي الله عنه وغيره من الصحابة، وأن هذا القرآن حذفت منه آيات كثيرة تتجاوز الألفي آية أو أكثر من ذلك وهذا القرآن الموجود بيننا لا يمكن أن يعتمد عليه وهو بالتالي مرفوض. وهذا ما صرّح به علماء الشيعة قالوا بأن القرآن محرَف ومنهم:
1-علي بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره عن القرآن 1/37، ط دار السرور، بيروت.
2-نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية 2/357، ويعزف الجزائري على النغمة المشهورة عند الشيعة بأن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا علي وأن القرآن الصحيح عند المهدي وأن الصحابة ما صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم إلا لتغيير دينه وتحريف القرآن. وقال ذلك في الجزء الثاني، الصفحات 360،361 من نفس الكتاب.
3-الفيض الكاشاني (المتوفى 1091هـ) صاحب تفسير الصافي الذي خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن وعنون لهذه المقدمة بقوله: (المقدمة السادسة في نبذ ما جاء في جمع القرآن وتحريفه وزيادته ونقصه وتأويل ذلك).
4-أبو منصور أحمد منصور الطبرسي المتوفى سنة ( 620هـ):
روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علي عليه السلام القرآن، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قدأوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي أردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه عليه السلام وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت - وكان قارئاً للقرآن - فقال له عمر: إن علياً جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار. فأجابه زيد إلى ذلك .. فلما استخلف عمر سأل عليا أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم.
5-محمد بن يعقوب الكليني (الملقب بحجة الإسلام، المتوفى 328هـ) صاحب كتاب الكافي:
يقول الكليني في الكافي 2/627: "نزل القرآن أثلاثاً. ثلث فينا وفي أعدائنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام".
لكن الشيعة يقولون إنما نزل فينا وفي أعدائنا قد حرفه أهل السنة وحذفوه ويسوقون على ذلك أمثلة فيقولون من مثال ما حذف: (تبت يدا أبي لهب وتب وتبت يدا أبي بكر وتب وتبت يدا عمر وتب وتبت يدا عثمان وتب وتبت يدا عائشة ...). إلى أن يذكروا سبعين اسماً من الصحابة ...

6-حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي الذي ألف كتاباً خاصاً في هذا الصدد أسماه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب".

7-العلامة المحقق الحاج ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي. وهذا العالم َعددَ الأدلة على نقصان القرآن، ونذكر بعض هذه الأدلة كما قال هذا العالم الشيعي:
أ/ نقص سورة الولاية.
ب/نقص سورة النورين.
ج/نقص بعد الكلمات من الآيات.
ثم قال إن الإمام علي لم يتمكن من تصحيح القرآن في عهد خلافته بسبب التقية. وأيضاً حتى تكون حجة في يوم القيامة على المحرفين، والمغيرين. ثم قال هذا العالم الشيعي إن الأئمة لم يتمكنوا من إخراج القرآن الصحيح خوفاً من الاختلاف بين الناس ورجوعهم إلى كفرهم الأصلي.
ومن عقائدهم:
- أن قول الإمام ينسخ القرآن ويقيد مطلقه ويخصص عامه:
فالإمام له الحق والأهلية التامة في أن يتصرف في القرآن كيفما شاء، ويلزم من هذا أن القرآن يأتي في مرتبة ثانية بعد كلام الأئمة، فلو تعارض كلام الله مع قول الإمام يقدم كلام الإمام على قول الله تعالى، وعلى هذا فالأئمة يمكن أن يحرّموا ما أحله القرآن أو يحللوا ما حرمه القرآن، ومنشأ قولهم هذا أن الأئمة عندهم معصومون، فجميع الأئمة الذين جاءوا من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي المهدي المنتظر معصومون لا ينطقون عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، فكلام الأئمة هو كلام الله ورسوله (كل الأئمة الإثني عشر) وبناءً على هذا فهم يجوزون نسبة كلام الإمام وإسناده إلي الله ورسوله، فيجوز مثلاً أن تقول: قال الإمام جعفر الصادق :التقية ديني ودين آبائي، وأن تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التقية ديني ودين آبائي، وأن تقول: قال الله تعالى: التقية ديني ودين آبائي.
ومن عقائدهم:
- التشكيك في حجية القرآن:

فالقرآن عند الشيعة ليس بحجة إلا بقيم بمعنى أن القرآن حجةٌ إذا وجد القيِّم، والقيِّم عندهم هو الإمام، وبعد أن غاب سنة 260هـ في سرداب سامراء وإلى زماننا هذا فالقرآن ليس بحجة وما فيه ليس ملزماً، وعلى هذا نصَّ إمامهم الكليني في كتابه الكافي في الجزء الأول صفحة 188، قال: "إن القرآن لا يكون حجةً إلا بقيِّم"، ويقول المجلسي في بحار الأنوار 36/80: "إن الأئمة هم القرآن نفسه"، وكذلك يقول: "إن القرآن هو كتاب الله الصامت والأئمة كتاب الله الناطق فلا يعرف الصامت إلا بوجود الناطق"، وعليه فالقرآن لا يفهم ولا يفقه ولا يحتج به إلا بوجود الإمام. ويقول صاحب الاحتجاج في الجزء الأول صفحة 31: "علي تفسير كتاب الله والأئمة من بعده تفسير كتاب الله".
ومن عقائدهم:
- يعتقد الشيعة أن للقرآن ظاهراً وباطناً:

ومعنى ذلك أن الشيعة الإمامية باطنية فقد جاء في بحار الأنوار في عدة مواطن أن للقرآن بطن وظهر، وقد جاء في الكافي 1/374 يقول: "سألت عبداً صالحاً عن قول الله عز وجل قُل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، قال: قال العبد الصالح: إن القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرَّم الله في القرآن هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله في الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق).
فإذا كان هذا معتقد الشيعة في القرآن أنه ليس حجةً فما هو البديل إذاً، البديل عندهم هو مصحف فاطمة، ومصحف فاطمة عبارة عن: "كتابة كتبها علي بن أبي طالب على مدار ستة أشهر وكان جبريل عليه السلام ينزل لفاطمة في كل يوم بعد وفاة والدها صلى الله عليه وسلم ليسليها، فكان علي يجلس خلف الجدار ويكتب كل ما يقول جبريل، ثمَّ بعد أن توفيت فاطمة جمع هذا الكتاب ونسخه ثمَّ عرضه على أبي بكر وعمر وكلهم يقولون لا حاجة لنا به".
وبعد أن تولى على الخلافة لم يكن هنالك مجال لإظهاره خوفاً من بعض الصحابة ثم تناقله الأئمة الإثنا عشر إلى أن أخذه المهدي المنتظر واختفى في سرداب سامراء وسيخرج في آخر الزمان ومعه هذا المصحف.

[ب] عقيدة الشيعة في السنة:
الشيعة يردون كتب السنة جملةً وتفصيلاً فلا يعتبرونها ولا يُقِرّونها، وترتب على ردِّهم للسنة أن يوجدوا بدائل وهذه البدائل هي أقوال الأئمة، لذلك لا تجد لهم في كتبهم من الأحاديث ما هو مرفوعُ للنبي صلى الله عليه وسلم إلا نادراً بالذات كتب الفقه الشيعي، لا تجد فيها عن فلان عن فلان عن النبي صلى الله وسلم ، فكل الروايات تسند عن أئمتهم، فالأئمة يتحقق علمهم عن طريق الإلهام والوحي. يقول الكليني في الكافي: "بابٌ أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار"، وفي رواية عن أبي عبدالله جعفر الصادق قال: "منا من ينكت في أذنه ومنَّا من يوحى إليه ومنِّا من يأتيه ملكٌ أعظم من جبريل وميكائيل". ويقولون: "إن خزن العلم وإيداع الشريعة خاصٌ بالأئمة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم انشغل بالجهاد فلم يكن هناك وقتٌ يمكنه من نثر علمه ولم يكن هناك من هم أهلٌ لحمل هذا العلم، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم من الضياع فأعطاه لعلي بن أبي طالب"، لذلك يروون عن عليٍ بالتواتر أنه قال: "أسر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف حديث في كل حديث ألف باب في كل بابٍ ألف مفتاح" ثم أعطى علي هذا العلم للحسن والحسين ثم تناقله الأئمة من بعد ذلك.
وعند الشيعة ما يسمى بحكايات الرِّقاع وهي رسائل أرسلها الشيعة للمهدي المنتظر يستفتونه فيها فأجابهم عليها وذلك في فترات ظهوره، وهذه الحكايات أيضاً تعتبر بديلاً عن السنة.
[ج] عقيدة الشيعة في الإجماع:
الإجماع ليس حجةً عند الشيعة بدون وجود المعصوم فمدار حجية الإجماع على قول المعصوم وليس على نفس الإجماع فهم لم يقولوا بالإجماع وإنما قالوا بحجية قول المعصوم.
يقول ابن المطهر الحلِّي: "الإجماع إنما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة أقوالها فإجماعها حجة لأجله لا لأجل الإجماع".

وللموضوع تتمة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق