الأحد، 20 أكتوبر 2013

مراجعات شيعية.. مهم ونافع جدَا يرجى النشر

    مراجعات شيعية

تأمّلوا حال كثير من كبار الشيعة الذين هداهم الله للحق والهدى, مع أن بعضهم قد وصل في المراتب الدنيوية والعلمية ما لا يُلحق به من أقرانه, مع ذلك اختار الابتلاء بالدعوة إلى توحيد رب العالمين, واتّباع سنة خاتم المرسلين, والعض عليها بالنواجذ.
فمن أولئك الأفذاذ: أحمد مير قاسم بن مير أحمد الكسروي, المولود في تبريز, وتلقى تعليمه في إيران, وعمل أستاذاً في جامعة طهران, و تولى عدة مناصب قضائية, و تولى مرات رئاسة بعض المحاكم في المدن الإيرانية, حتى أصبح في طهران أحد كبار مفتشي وزارة العدل الأربعة, ثم تولى منصب المدعي العام في طهران, و كان يشتغل محرراً لجريدة "برجم" الإيرانية, و كان مجيدًا لسبع لغات, الفارسية الحديثة, والفارسية القديمة "البهلوية" والعربية والتركية و الإنجليزية والأرمنية والفارسية, وله كتب كثيرة جداً, ومقالات منتشرة في الصحف الإيرانية, ولا زال له جمهوره المحب حتى الساعة. ولقد كانت مقالاته القوية التي يهاجم بها أصول المذهب الرافضي, قد جذبت نظر كثير من الأحرار في إيران وخارجها. حتى كتب له بعض الكويتيين بطلب تأليف كتب بالعربية ليستفيدوا منها, فكتب لهم كتابه الشهير "التشيع والشيعة" والذي أوضح فيه بطلان المذهب, فانتقم منه الغلاة, فأطلقوا عليه الرصاص, ودخل المشفى ثم خرج منه بعافية. ثم أخذ خصومه من الروافض يتهمونه بمخالفة الإسلام! و رفعوا ضده شكوى إلى وزارة العدل ودعي للتحقيق معه مع أمرٍ قد بيّتُوه بليلٍ, وفي آخر جلسة من جلسات التحقيق _وقيل بل في قاعة المحكمة_ في نهاية سنة (1324هـ - 1946م) أطلقوا عليه الرصاص مرّة أخرى, وطعنوه بخنجر, فمات على إثر ذلك شهيدًا, ولا نزكيه على الله - وقيل إن قتله كان بفتوى من الخميني - وعدّوا في جسمه تسعة وعشرين جرحاً, وقَضَى رحمه الله عن عمرٍ ناهز سبعاً وخمسين سنة, وهو معدودٌ من طلائع التّصحيح وهُداة الشيعة للحق في هذا الزمان, رحمه الله.
وقد ألف وأورث كتبًا قيّمة وقويّة في الردود على التّشيّع والتّصوّف, ومما قاله بالحرف: "إن الإسلام الصحيح, هو ما عليه أهل السنة" فضلًا عن أنه معدود من أكبر وأوثق المؤرخين الكبار في العصر الأخير في إيران. و بعد رحيل الكسروي إلى ربه تتابع الخروج من التشيّع, وتأثر كثير من علماء الشيعة بآرائه الجريئة, ونبذوا التشيع جانبًا, وبعضهم اقترب كثيرًا من ذلك وإن لم يصل بعد. ولعل الكسروي رحمه الله كان من ثمار الحركة الإصلاحية التي قادها آية الله محمد حسن شريعة سنغلجي (ت:1943) صاحب كتاب "توحيد العبادة" الذي أثبت فيه وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة وتوحيده لا شريك له, وكتاب "مفتاح فهم القرآن" الذي أوجب فيه تقديم القرآن الكريم على كل ما سواه من روايات الشيعة وتمحيصها ورد ما يخالفه منها.
ومن بركات جهاد الكسروي في الله بسيف العلم والحجّة والبيان أن هدى اللهُ به آيةَ الله العظمى _بحسب تسميات مراتبهم_ السيد أبو الفضل البُرقعي, المجاهد العظيم, ومؤلف الكتاب الشهير الكاسر "كسر الصنم" في نقض أصول الكافي, وهو أبو الفضل بن الرضا البرقعي القُمّيّ مولداً ثم الطهراني، ويرجع نسبه إلى السيد أحمد بن موسى المبرقع ابن الإمام محمد التقى الجواد ابن على بن موسى ابن موسى الرضا, فهو من سلالة الحسين رضي الله عنه, وكان من أقران الخميني, بل هو أعلى رتبةً وعلميّة ومرجعية منه في مذهب الشيعة, وقد خرج من التشيّع, وأعلن السُّنَّة في عهد الشاة. وهو من أهل قُم, و قد أقام بها أجداده منذ ثلاثين جيلاً, وسلسلة نسبه و شجرة عائلته موثّقة في كتب الأنساب. وقد كان البرقعي رحمه الله يحملُ على الكسروي بردود شديدة حتى هداه الله للحق. وقد تلقى العلم في الحوزة العلمية في "قم" ونال درجة الاجتهاد في المذهب الجعفري الاثني عشري, وله مئات المصنفات والبحوث والرسائل، وكان في شبابه شيعياً متعصباً, وبعد هداية الله له لمّا أعلن جهاده باللسان والقلم في ردّ بني قومه للحق, ودعوتهم للهدى, فأزمعوا قتله غيلة! _كعادتهم الدنيئة_ فتعرّض للاغتيال في مسجده مع أنّه كان مناهزًا الثمانين. وقد أنجاه الله من القتل, لكنه أصيب في سمعه بسبب إحدى طلقات الرصاص التي أصابته. ثم بعد ذلك تعرض للسجن والتعذيب والنفي بعد شفائه, بعدها بسنوات حكم عليه بالسجن ثلاثين عاماً, فسجن رحمه الله. ثم رحل إلى ربه عام 1993م  ولا يُعلم هل اغتالوه, أم لا؟ وقد أوصى الشيخ ألا يدفن في مقابر الشيعة. وقد ترجم البرقعي رحمه الله  "مختصر منهاج السنة " لشيخ الإسلام ابن تيمية إلى الفارسية, وألف كتباً  أخرى منها كتاب "تضاد مفاتيح الجنان مع القرآن" وكتاب "دراسة علمية في أحاديث المهدي" وكتاب "دراسة في نصوص الإمامة" وكتاب "الجامع المنقول في سنن الرسول" وكتاب "نقد على المراجعات" وكتاب "تضاد المذهب الجعفري مع القرآن و الإسلام"
هذا, وممّن نفع الله بكتبهم: حيدر علي قلمنداران القمي, صاحب كتاب "تمحيص روايات النص على الأئمة" وقد قدّم له العلّامة البرقعي رحمهما الله, وله كتاب "طريق النجاة من شر الغلاة".
ومن أولئك الأفذاذ الأحرار: السيد حسين الموسوي الكربلائي النجفي, من أهل العراق, وهو من أهل النجف خصوصًا, وُلد في كربلاء, وقد كان عالما محدثاً, ومدرساً فيها, درس المذهب الاثنى عشري في الحوزات العلمية, وكان صديقًا للخميني, وكانت له اليد الطولى مع بعض زملائه من علماء الحوزة في إعادة صلاة الجمعة إلى المذهب الشيعي بعد أن أوقفت قرونًا طويلة انتظارًا لأُسطورة صاحب السرداب! وقد كان والده عالماً من علماء الشيعة. وهو مؤلف الكتاب المشهور الذي أحدث ضجة في العراق والشام واليمن والخليج "لله ثمّ للتأريخ" وهو عبارة عن شهادات ووقائع ونقد ودعوة, وقد نَقَدَ حياته نقدًا غير نسيئة ثمنًا لهذه الرسالة رحمه الله تعالى, إذ تمّ اغتياله انتقامًا ممن حشرهم صِدْقُه ونُصْحُه وشجاعته, تقبّله الله في الشهداء. وقد سبقه في درب الشهادة غيلةً_ولا نزكيهما على الله_المجاهد النادر إحسان إلهي ظهير, الذي نفع الله بمؤلفاته الفئام الذين لا يحصون حتى هذه الساعة.
وممن أفاد الناس بعلمه وتجرّده للحق: محمد إسكندر الياسري, وله كتاب "الحقيقة القرآنية" وقد اغتيل عام 1997م.
ومن أولئك الأخيار: العلامة إسماعيل آل إسحاق خوئيني. وله مرتبة علميّة سنية في المذهب, وقد كرّس حياته للتصنيف والكتابه حتى وفاته رحمه الله في 7/10/2000م.
ومن أولئك الأماجد: الإمام الشيخ حسين المؤيد, الذي أعلن وأشهر اعتناقه مذهب أهل السنة والجماعة, وقد أحدث تسنّنه ضجّة وهزّة في أتباع المذهب الإمامي. وقد فصّل ذلك في كتابه الذي صدر مؤخراً بعنوان إتحاف السائل .والشيخ حسين المؤيد منحدرٌ من عائلة شيعية عريقة, ويعتبر من أبرز المراجع الشيعيه في العراق, وقد  درس العلوم الدينيه, في الكاظمية في بغداد, وتتلمذ في قم الإيرانية عام 1982على يد كبار علماء الشيعة, وقد نال درجة الاجتهاد المطلق في المذهب, وهي أرفع الدرجات العلمية في الحوزة.
وانظر _يا رعاك الله_ كذلك كتاب "يا شيعة العالم استيقظوا" للشيخ موسى الموسوي, وله كذلك "الشيعة والتصحيح" ومن أصحاب القلم الحرّ: الأستاذ صباح الموسوي, صاحب كتاب "كشف مآسي أهل السنة في إيران" وكتاب "الدفاع عن القضيّة الأحوازية"
 وقد كثرت في هذا الزمان بحمد الله الأقلام الإصلاحية من داخل مذهب الشيعة والدعوة للحق والهدى, وترك التعصب لغير الوحي المنزل, وانظر على سبيل المثال كتاب "ربحت الصحابة ولم أخسر الآل" للأستاذ علي القضيبي من البحرين, وكتاب "صرخة من القطيف" للأستاذ صادق السيهاتي, وكتاب "ثم أبصرت الحقيقة" للأستاذ محمد سالم الخضر. وغير ذلك كثير بحمد الله.
والسؤال المُنقدح في ذهن كلِّ شيعيّ حرّ: لماذا  فعلها هؤلاء, وهم قد تسنّموا أعلى المراتب؟! بل كيف صبروا وصابروا ورابطوا عليها حتى لقوا الله بها؟! أتُراهم متهوِّكون؟! كلّا والذي فلق الحبّ وبرأ النّسم, إن هم إلا مُوفّقُون مهديون, والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ثاني الوقفات مع رده الكريم: غضبه من الإشارة ولو من طرف خفي باتهامه بالرفض.
فالجواب: أن المشهور عن أهل القطيف في حسينياتهم ومساجدهم ومدوناتهم وشبكاتهم _وعسى أن أكون مخطئًا_ أنّ جُلَّهُم, لا كُلُّهُم على مذهب الرافضة السبابة, والحمد لله الذي استنقذك من ذلك, وبرّأك مما هنالك بإعلانك البراءة منهم, فله وحده الحمد والمنة.
وقد ذكرت _وفقك الله_ أن من يقود فكر أتباع أهل البيت في هذا الزمن هم الغلاة, أي الرافضة. وفي هذا اعتراف بأن كلمتهم هي النافذة عند جمهورهم, فالذي يراك من خارج القطيف يُحاكمك إلى من اشتهرت تبعيّتك له, إلا بقرينة صارفة.
وأزيدك بالقول بذهاب جمع من أهل العلم إلى تسمية جمهور الاثني عشرية بالرافضة؛ كالاشعري في المقالات (١/ ٨٨) وابن حزم في الفصل (٤/ ١٥٧-١٥٨) بل قد ذهب البغدادي وغيره إلى إطلاق هذه التسمية على جميع فرق الشيعة بلا مثنويّة!
 بل إن كتب الاثني عشرية قد نصّت على الموافقة على أن هذا اللقب (الرافضة) من ألقابها! وانظر البحار للمجلسي (٦٨ / ٩٦-٩٧)
قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: وإنما سُمّوا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر. قلت: وذلك لما فارقوا زيداً رحمه الله لترضّيه عن الشيخين
ولا بد من تحرير معنى الرفض, فالرفض اسم عام لكلّ من رفض إمامة أو خلافة أو تقديم الشيخين. فمن قدّم عليهما أحد فلهُ نصيب من ذلك فمستقلٌّ ومستكثر. وإني سائلك من هذا المنبر فأجب بلا حيده: هل تُقدّم  الشيخين في الفضل, وأحقّية الإمامة على كل من سواهما؟
يا دكتور _أخذ الله بيدي ويدك_ هذان شيخا المسلمين, عنهما نتحدّث, وإلى فضلهما نشير, هما خير من خلق الله من ولد آدم بعد الأنبياء, هذان صاحبا المصطفى الخاتم عليه الصلاة والسلام في حياته, ووزيراه بعد مماته, وأقرب الناس منه جسداً بعد لحاقهما به. لا كان ولا يكون في الأمة مثلهما. لقد حفظ الله بهما الدين, وقمع بهما جموع المرتدين, وأقام بهما الملّة الحنيفيّة بعد كيد المجرمين, ودحر بهما زيغ المبتدعين, وفتح بهما الأمصار للمؤمنين, وأدخل بهما الناس أفواجًا في دين رب العالمين, وما ذاك إلا ببركة اتباعهما للرسول الأمين عليه الصلوات والبركات والتسليم. إنهما الشيخين رجح إيمانُهما بالأُمّة قاطبة!
 ويا خيبة من عاداهما وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في أبي بكر: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبتَ, وقال أبو بكر: صَدَقَ. وواساني بنفسه وماله, فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟! فهل أنتم تاركوا لي صاحبي" رواه البخاري, وله من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن عبدًا خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده, فاختار ما عند الله" فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه, فقلت في نفسي: ما يُبكي هذا الشيخ, إن يكن الله خيّر عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده, فاختار ما عنده؟! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد, وكان أبو بكر أعلمنا. قال: "يا أبا بكر لا تبك. إنّ أمنّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر, ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتّخذتُ أبا بكر, ولكن أخوّة الإسلام ومودّته, لا يبقينّ في المسجد بابٌ إلا سُدّ إلا بابُ أبي بكر" 
 وقال صلى الله عليه وسلم: "أبرأ إلى كل خليل من خله, ولو كنت متخذا خليلًا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلًا, وإن صاحبكم خليل الله" رواه الترمذي وأصله في الصحيحين. إنّه أبو بكر ثاني اثنين في الغار, وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائمٌ رأيت الناس يُعرضون علي، وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك, وعُرِضَ علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره, قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله قال: الدين" متفق عليه, ولهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبن، فشربت حتى إني لأرى الرّي يخرج في أظفاري, ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب" قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: "العلم"
وقالت عائشة رضي الله عنها: لما توفي صلى الله عليه وسلم اشرأبَّ النفاق, وارتدت العرب, وانحازت الأمصار، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها, فوالله ما اختلفوا في نقطة إلاَّ طار أبي بغنائها وعنائها، ثُم ذكَرَتْ عُمَر فقالت: ومن رأى عُمَر علم أنه خُلِقَ غناء للإسلام، ثُم قالت: وكان والله أحوذيَّا, نسيج وحده, قد أعد للأمور أقرانها.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا ذُكر الصالحون فحيّ هلًا بعمر, إن إسلامه كان نصرًا, وإن إمارته كانت فتحًا, وايم الله إني لأحسب بين عينيه ملكًا يسدده ويرشده, وايم الله إني لأحسب الشيطان يفرق منه أن يحدث في الإسلام حدثًا فيردّ عليه عمر.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وُضِعَ عمرُ على سريره، فتكنفه الناس، يدعون ويصلون، قبل أن يرفع، وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي؛ فإذا عليّ، فترحَّم على عمر وقال: ما خلّفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك. وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر.
وعن عبد العزيز بن حفص الوالبي قال: قلت للحسن: حُبّ أبي بكرٍ وعمر سنّة؟ قال: لا, فريضة. وعن أبي حازم عن أبيه قال: سئل علي بن الحسين عن أبي بكر وعمر, ومنزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كمنزلتهما اليوم, هما ضجيعاه. وكذلك أجاب إمام دار الهجرة مالك بن أنس هارون الرشيد حينما سأله عن منلتهما منه فقال: كقرب قبريهما من قبره بعد وفاته. فقال: شفيتني يا مالك, شفيتني يا مالك.
وعن جعفر الصادق رحمه الله تعالى قال: أنا بريءٌ ممّن ذكرَ أبا بكرٍ وعمرَ إلا بخير. فخذوها معاشر الجعفرية. بل قال أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فوق منبر الكوفة: لا أُوتى برجلٍ فضّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حدّ المفتري. أي ثمانين جلدة. هدانا الله جميعًا سواء السبيل.
ومن طعن في إمامة الشيخين أو تقديمهما فهو أضلُّ من حمار أهله, كما قاله إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله, ولعله اختار ذلك التشبيه لأن الحمار أبلدُ الحيوانات, وأقلّها فهمًا, فماذا بعد الحق إلا الضلال, فأنّى تُصرفون؟!
هذا مع إجلال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لأهل البيت, وحفظه لحرمتهم, وحفظه لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم, ولمّا رفع المتوكّل محنة القول بخلق القرآن العظيم طلب من الإمام الصفح عن المأمون والمعتصم والواثق ففاجأه بجوابه بأنه قد سامحهم في وقت عذابهم له, لكونهم من آل بيت النبوة, وكان إذا أراد الخروج من المسجد قدّم قبله صبية آل البيت الصغار إجلالًا لآل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم وعلى المؤمنين. كذلك كان الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, وكان يستحسن تمييز آل البيت بلباس أخضر كي لا يمتهن مقامهم من لا يعرفهم, أو يضيّع حقهم من يجهلهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية:مبيّنا اعتقاد أهل سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين: "ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتولّونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم, حيث قال يوم غدير خمّ: "أذكّركم الله في أهل بيتي" وقال أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: "والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي" وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
ويتولون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، و الصدّيقة بنت الصّدّيق رضي الله عنها, التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". وقد علّق العلامة العثيمين رحمه الله تعالى عليها بتعاليق نفسية _كعادته_ جديرة بالمطالعة, في شرحه للواسطية.
هذا, وإن القول باندثار الشيعة المفضّلة مجانبٌ للصواب, فقد رأينا منهم فئامًا, والظن بكثيرهم أن يعودوا بالمسألة لأولِ الأمر, فيحاكموا التنازع للوحي المنزّل المعصوم, الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فهو ضمانة النجاة, وصِمَامُ أَمْنِ العَثَار والزلل, ومفتاح الهدى والتوفيق, إي وربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق